تجديد بناء الكعبة المشرفة (الجزء الأخير
جمعت قريش المال الحلال لتجديد بناء الكعبة، وتقاسمت القبائل جدارن الكعبة بينهم، ومضوا فى بناء الكعبة لأن قريش تعتبر بناء الكعبة شرفًا عظيمًا..
فأخذ صلى الله عليه وسلم يحمل الحجارة وينقلها مع أعمامه، وكان صاحبه بهذا العمل عمه (العباس رضي الله عنه)، وكان قريبًا منه بالعمر، فكان العباس يمشى مع النبى صلى الله عليه وسلم ذهابًا وإيابًا فى نقل الحجارة..
وأخذت قريش يبنون الكعبة كل قبيلة لها الجدار المخصص لها، حتى وصلوا إلى وضع الحجر الأسود بالزاوية المخصصة له، وهنا نشب الخلاف بين القبائل؛ فالحجر الأسود يقع فى الزاوية تماما، فمن ذا الذي يحوز شرف رفعه إلى مكانه؟
(بنو عبد مناف) وهم قبيلة النبى عليه الصلاة والسلام وقبيلة (بني مخزوم) اختلفوا؛ من الذى سيضع الحجر الأسود؟؟
فقال (بنو عبد الدار): لا أنتم، ولا هم؛ نحن من سيضع الحجر الأسود..
ثم هاجت القبائل كلها، وارتفعت أصواتهم بالصراخ والتحدي، فوقع خلاف كبير مابعده خلاف..
{ماهو الحجر الأسود؟}
_ هو حجر ليس كمثل أى حجر بالدنيا، فهو الحجر الذى جلس عليه أبونا آدم لما هبط من الجنة (كأنه سفينة فضائية)، هبط وهو جالس عليه من السماوات إلى الأرض، وكان كما قال صلى الله عليه وسلم فى الصحيحين: “كان أبيض كالياقوتة، شفافًا يُرَى ظاهره من باطنه، يُقرَأُ الكتابُ منه”
(يعنى لو وضعت ورقة خلفه تستطيع أن تقرأ المكتوب فيها من أمامه)..
قالوا: كيف اسْوَدَّ يارسول الله؟؟
قال: “اسْوَدَّ من خطايا بني آدم، أما علمتم أن من استلم الركن حُطت خطاياه عنه عند الحجر كما تحط اوراق الشجر عن أمها فى فصل الخريف،؟ وإن هذا الحجر يبعث يوم القيامة له عينان وله شفتان وله لسان زلق يشهد لمن استلمه من أهل التوحيد”..
(سؤال آخر):
{الحجر الأسود كان فى الجنة، وهبط عليه آدم؛ فكيف وصل إلى الكعبة؟؟
_ لما هبط آدم كانت الكعبة موجودة وأمره الله أن يسعى إليها ويطوف بها تقربًا إلى الله، فطاف بها وغفر الله له خطاياه، ثم بقى الحجر الأسود فى داخلها، فلما أمر اللهُ ابراهيمَ عليه السلام بتجديد بناء الكعبة أرشده سبحانه أن يضع هذا الحجر فى هذه الزاوية تماما من أجل أن يكون منه بدء الطواف وعنده ينتهى الطواف..
تنازعت كل قبائل قريش على وضع الحجر فى مكانه ووقع الشر بينهم، (أما نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم فانسحب من بينهم ولزم بيته لأنه لايحب الخلاف)، ولزم صلى الله عليه وسلم بيته أربعة أو خمسة أيام فى بيته لأنه لايريد أن يحضر هذا النزاع، وتعطل بناء الكعبة لأنه مستحيل أن يتم بناؤها حتى يضعوا الحجر الأسود مكانه..
ووقف رجال القبائل شاهرين سيوفهم وبدء النزاع واشتد الغضب، فقام أكبرهم سِنًّا وقال: لِمَ التفاني ياقريش (لماذا يذبح بعضكم البعض) {يريد أن يبعد عنهم الشر ويحقن الدماء}، قالوا له: بِمَ تشير علينا؟ قال لهم: نجلس جميعا وننظر إلى باب بني شيبة، فأول من دخل منه رضينا بحكمه كيف ماكان، فقالوا جميعهم بصوت واحد: رضينا..
وكان صل الله عليه وسلم ملازمًا بيته، وحانت ولادة السيدة خديجة فى بطنها الرابع، فحضرت النساء لمساعدتها وكان صلى الله عليه وسلم يستحي؛ فترك البيت وخرج يستطلع أخبار قريش {ماالذي حدث معهم}..
كل الرجال جلسوا على الأرض يراقبون من سيكون أول داخل من باب بني شيبة ليحكم بينهم، (فإذا وجه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بوقاره وهدوئه يطل عليهم من باب بني شيبة)..
فوثب الجميع كبيرهم وصغيرهم ووقفوا على أقدامهم فرحين وصرخوا بصوت واحد {محمد!!!} هذا ابن سيد قومه!!! هذا الصادق الأمين!!! كلنا رضينا بحكمه!!! وأقبلوا إليه يحدثونه، فقال لهم: وكلكم تسمعون حكمي؟؟ قالوا: نرضى بما تحكم..
فقام صلى الله عليه وسلم ولم يشاور أحدًا منهم، ولم يتكلم بأى كلمة، ولم يعرض عليهم خطته، فنزع ثوبه (عباءته) عن كتفه، ومشى صلى الله عليه وسلم بينهم لايلتفت يمينًا ولا يسارًا، والكل ينظر إليه، فوضع ثوبه على الأرض ومَدَّهُ.. وحمل الحجر بيديه الشريفتين ووضعه على الثوب، ثم نظر لقريش وقال: فليَقُم إليَّ كُلُّ شيخِ قبيلة فيكم، ولياخذ كل واحد منكم بطرف من أطراف الثوب (فأمسك كل شيخ قبيلة بطرف الثوب) فقال لهم: انهضوا جميعا واقتربوا بالحجر إلى البيت فلما اقتربوا أخذ الحجر صلى الله عليه وسلم بيديه الشريفتين ووضعه مكانه، فصاح القوم كلهم فرحين: بوركت يا محمد.. بوركت يامحمد.. بوركت من عاقل.. بوركت أيها الصادق الأمين.. لقد فطم الله على يديك الشر..
وأصبح له فضل على قريش كلها (صلى الله عليه وسلم)..
هذا الكلام قبل أن يوحى إليه فى غار حراء بخمس سنين..
{عمر نبينا الآن ٣٥سنة}..
ثم عاد صلى الله عليه وسلم فوجد السيدة خديجة قد ولدت بنتًا فضمها إلى صدره ثم قبلها ثم شَمَّها وقال: هذه ريحانة..
(هذه أخلاق نبينا فى مجتمع يكره البنات) وسماها فاطمة؛ لأن الله (فطم) الشر بين القوم ساعة مولدها رضى الله عنها وأرضاها..
يتبع إن شاء الله…
★**********★