منوعات

تحل آخر الشهر الذكرى ال 33 لوفاة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد

مولانا عبد الباسط عبد الصمد ذروة مدرسة الصعيد القرآنية

تحل آخر الشهر الذكرى ال 33 لوفاة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد

يوم وفاته كنت في نادي الأدب في كفر سعد وصعقني الخبر لأنه كان بالكاد تجاوز الستين من عمره فقط

كان مثالًا للأناقة الصعيدية القناوية.. وجنوب الصعيد له أفضال كبيرة جدًا سواء في مدرسة التلاوة أو مدرسة المديح

……………………………
هناك فرق أساسي في التصور الديني بين مصر والعراق (على كثرة المشتركات).. الدين في العراق بياخد فكرة الألم (والندم قطعًا).. في حين أنه الدين في مصر بياخد فكرة الفرح أكتر..

ودا يفسر الفرق الواضح في طقوس الاحتفال بالحسين.. في العراق عملية تباكي وألم.. (احتفال بمقتله).. في مصر أكبر فرح ديني هو مولد الحسين (يحل آخر الشهر أيضًا)
……………………………
عبد الباسط حل قارئًا للمسجد الحسيني خلفًا للشيخ محمود علي البنا
وبما أنه صعيدي.. فالحزن والشجن والحنين غالب على المدرس الصعيدية مقارنة بمدرسة الفلاحين في الدلتا

يعني صعب تصور أن يكون عبد الباسط (من الفلاحين) زي ما صعب تخيل أن يكون مصطفى إسماعيل المولود بجوار السيد البدوي في طنطا ( مش فلاح)

طنطا معقل الفرح والحلويات مش بس مصطفى إسماعيل حتى في الأغاني هانلاقي محمد فوزي وأخته هدى سلطان.. والبدوي نفسه صاحب بشارة الفرح والانتصار على الصليبيين

ويمكن تفسير الفرق بالجغرافيا.. الصعيد محصور في شريط جبلي قاس.. وارض وعرة.. وسواء أكانت جذور أهله أفريقية أم قبائل عربية.. هانلاقي سطوة الأخلاق الجبلية.. الحزن أنقى.. الكرم أنقى.. الألوان أكثر سطوعًا.. والاعتداد بالجذر قوي جدا

عكس أخلاق فلاحين الدلتا.. حيث السهل ممتد ورحب والخضرة أكثر والمياه أكثر.. فكل شيء أسهل والألوان أكثر تنوعًا وغموضًا. والأخلاق أكتر مرونة..ومبررات الضحك والخفة أكتر

المقدمة الطويلة دي ضرورية لفهم صوت عبد الباسط
أولًا عبد الباسط تصيت مع نهاية عصر مصطفى إسماعيل تقريبا

ثانيا: تعبيره عن الحزن الصعيدي (حاجة كدا زي أغاني ذئاب الجبل والليل وآخره) ساهم جدًا في تمسك الصعايدة به، لأنه يشبه حنينهم وتغريبتهم

ثالثا: قد تكون النكسة (وهي أكبر حزن مصري في القرن العشرين) والتي وقعت وعمره في الأربعين.. من أسباب نجوميته.. خلقت حاجة لتلاوة حزينة وأسيانة.. بس هو حزن مصري أصيل، مش شحتفة ولا تباكي ولا افتعال ولا انفعال زائد.. صادق وطبيعي جدا

رابعًا:: مدرسة الدلتا الفرحة المبهجة كانت ب تنضب.. معظم الأصوات اللي طلعت كانت أقرب إلى (تقليد) فاتر للكبار.. ودا اللي خلا عبد الباسط تسيد وأصبح نجم نجوم دولة التلاوة.. والطلب عليه في عموم مصر والعالم العربي والإسلامي.

خامسًا:: صوت عبد الباسط احتفظ بكل خصائصه الصعيدية.. السطوع واللمعان الشديد (شمس الصعيد) والحزن الصريح.. والقوة..

سادسًا: أصبح هو الممثل الأشهر لتلاوة (النذير) ومراجعة النفس إزاء مشهد الموت.. فأي مأتم في مصر (صعايدة وفلاحين) يفتقد شيئًا من مصداقيته مالم يتلى فيه تسجيل بصوت عبد الباسط

سابعا: من الناحية الموسيقيى عبد الباسط زي معظم القراء بيلون ما بين القرار والجواب (العالي والواطي) لكنه على نفس التون تقريبا.. علاقته بالموسيقى مش بعمق مصطفى إسماعيل ولا الشعشاعي.. ومع إن دا عيب.. لكنه كان ميزة معه لأنه قدم تلاوة بسيطة.. فيها شيء من متعة تكرار النغمة ذاتها إلى ما لانهاية.. ودا ممكن يساعد على الاسترخاء والراحة النفسية.. فلا أستغرب أنه البعض يقول أنه يشعر بالراحة لسماع صوته حتى لو لم يفهم الآيات

عشان كدا عبد الباسط مقرئ استديو، يبروز له تفاصيل صوته ويحافظ على نقاءه.. مش صييت بتاع حفلات وقفلات زي مصطفى إسماعيل.. الأخير رجل مسرح ودراما وموسيقى يتجلى وسط أصوات مجاذيبه ومهاوويسه. وكل تسجيلاته لازم نسمع فيها آهات الجمهور وعباراتهم إلى ممكن تدخل في نوبة جنون.. لأن ماحدش عارف إيه الحالة الفنية اللي هايلعب عليها الشيخ مصطفى.. ولا هايرد على المقام من أي مقام..

من ناحية الفرح وألوان الموسيقى، يجلس مصطفى إسماعيل منفردًا بالقمة وحده
من ناحية الإيمان (الحزين) اللي تزامن مع عصر ما بعد النكسة، يجلس عبد الباسط خالصًا نقيًا.. ويليه محمد صديق المنشاوي بخطوة.. بحزن أخف، وشجن أكثر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك قم بتعطيل مانع الاعلانات